أشكال النجوم وأسماؤها

أسماء أشكال النجوم في السماء

تمثل أشكال النجوم في السماء أحد أقدم عناصر المعرفة التي سعى الإنسان إلى فهمها منذ فجر الحضارات. فمنذ آلاف السنين، نظر الإنسان إلى السماء وراقب الأنماط النجمية التي تتكرر كل ليلة، واستخدمها كأدوات للإبحار، وضبط التقويم الزراعي، ونسج حولها أساطير ومعتقدات دينية. تتشكل هذه الأشكال المعروفة بالمجموعات النجمية أو “الكوكبات” (Constellations) من تجمعات من النجوم تبدو وكأنها مرسومة في السماء، وتشكل صوراً لحيوانات، وآلهة، وأبطال أسطوريين، وأشياء مألوفة. هذا المقال الموسع يقدم عرضاً تفصيلياً لأسماء أشهر أشكال النجوم في السماء، ويستعرض أصولها، ومعانيها، واستخداماتها العلمية والثقافية.

مفهوم الكوكبات النجمية

الكوكبة النجمية هي منطقة في السماء تحتوي على مجموعة من النجوم تبدو من الأرض وكأنها تشكل نمطاً معيناً. تختلف هذه الأنماط باختلاف الثقافات، لكن الاتحاد الفلكي الدولي (IAU) حدد 88 كوكبة معترف بها رسمياً منذ عام 1922، تغطي كامل القبة السماوية. وتشمل الكوكبات المعروفة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية كالدب الأكبر، والصياد (أوريون)، والتنين، بينما في النصف الجنوبي هناك كوكبات مثل الكركي، والصليب الجنوبي.

أشهر أشكال النجوم وأسماؤها ومعانيها

1. الدب الأكبر (Ursa Major)

يُعد من أكثر الأشكال النجمية شهرةً في السماء الشمالية، ويضم مجموعة نجوم تُعرف بـ”الملعقة الكبرى” أو “المغرفة الكبرى”. استخدمه القدماء كدليل لتحديد الاتجاهات، إذ يشير اثنان من نجومه مباشرة إلى نجم الشمال (نجم القطب). في الأساطير الإغريقية، يمثل الدب الأكبر الحورية كاليستو التي حوّلها زيوس إلى دب.

2. الدب الأصغر (Ursa Minor)

يتضمن “الملعقة الصغرى”، ويحتوي على نجم الشمال Polaris، الذي يُعتبر مرشداً فلكياً هاماً للملاحة عبر العصور. الشكل الأصغر مقارنةً بالدب الأكبر يدل على صلة رمزية بين الكوكبتين، وقد ارتبط في الميثولوجيا الإغريقية بابن كاليستو، أركاس.

3. كوكبة الجبار (Orion)

من أبهى الأشكال النجمية وأكثرها وضوحاً في السماء، خاصة في الشتاء. يتوسطها “حزام أوريون” المكوّن من ثلاثة نجوم مصطفة. تشير الأساطير إلى أن أوريون كان صياداً عظيماً في الأساطير اليونانية. تضم الكوكبة أيضاً نجوماً لامعة مثل “بيتيلجوس” و”ريجل”.

4. كوكبة ذات الكرسي (Cassiopeia)

تأخذ شكلاً مميزاً على هيئة حرف W أو M، بحسب زاوية الرؤية. سُميت باسم ملكة أسطورية كانت مغرورة بجمالها. من الكوكبات الساطعة في السماء الشمالية، وتُستخدم مع الدب الأكبر لتحديد موقع نجم الشمال.

5. كوكبة العقرب (Scorpius)

تُرى بوضوح في السماء الصيفية الجنوبية، وهي واحدة من أكثر الكوكبات التي تحاكي شكل الحيوان الحقيقي. يرتبط العقرب في الميثولوجيا اليونانية بقصة مقتل الصياد أوريون، ويقال إن العقرب رُفع إلى السماء بعد أن قتله.

6. كوكبة القوس (Sagittarius)

تُمثّل في الفلك الحديث على شكل نصف رجل ونصف حصان يطلق السهام، وهي رمز لرامي السهام. تحتوي على “مركز مجرة درب التبانة” تقريباً، ما يجعلها من أكثر المناطق غنى بالنجوم والسدم.

7. كوكبة الأسد (Leo)

واحدة من الكوكبات التي تُرى بسهولة في فصل الربيع. تمثل الأسد النيمي الذي قتله هرقل ضمن أحد أعماله البطولية، حسب الميثولوجيا الإغريقية. نجم “ريجلوس” هو ألمع نجومها.

8. كوكبة التوأمان (Gemini)

تمثل الأخوين كاستور وبولوكس، وهما من شخصيات الميثولوجيا الإغريقية. يحتوي الشكل على نجمين لامعين يحملان اسميهما، وتظهر الكوكبة في السماء خلال فصل الشتاء.

9. كوكبة الثور (Taurus)

تحمل شكل رأس ثور، وتحتوي على مجموعة “القلائص” (Hyades) و”الثريا” (Pleiades)، وهما من أجمل التجمعات النجمية في السماء. كان لها دور كبير في التقويم الزراعي عند الشعوب القديمة.

10. الصليب الجنوبي (Crux)

من أهم الكوكبات في السماء الجنوبية، رغم صغر حجمها. تُستخدم كأداة لتحديد الاتجاه الجنوبي، مثلما يُستخدم الدب الأصغر في الشمال.

جدول بأسماء أشهر الكوكبات النجمية وتفاصيلها

التصنيف الفلكي للكوكبات

قسم الفلكيون الكوكبات إلى عدة أنواع بحسب موقعها في السماء:

1. كوكبات سماوية شمالية: مثل الدب الأكبر، والتنين، وذات الكرسي.

2. كوكبات سماوية جنوبية: مثل الصليب الجنوبي، والكركي، والطاووس.

3. كوكبات دائرة البروج (Zodiac): وهي 12 كوكبة تعبرها الشمس ظاهرياً خلال السنة، وتشكل أساس الأبراج الفلكية، مثل الحمل، والثور، والجوزاء.

الاستخدامات الفلكية والثقافية لأشكال النجوم

1. الملاحة: استخدم البحارة النجوم لتحديد الاتجاهات، خاصة نجم الشمال في الدب الأصغر، والصليب الجنوبي للملاحة في النصف الجنوبي.

2. التقويم: اعتمدت الحضارات القديمة على طلوع واختفاء بعض الكوكبات لتحديد المواسم الزراعية والدينية.

3. الميثولوجيا: ارتبطت الكوكبات بحكايات وأساطير متنوعة، واعتُبرت رموزاً مقدسة لدى الإغريق، والبابليين، والمصريين.

4. الاستعمال الفلكي الحديث: تُستخدم الكوكبات كمرجع لتحديد مواقع الأجرام السماوية، حيث تُقسم السماء إلى 88 منطقة معترف بها علمياً.

أشكال النجوم في الثقافات المختلفة

لكل حضارة تصوراتها الخاصة لأشكال النجوم:

• في الثقافة العربية: أطلق العرب أسماء مثل “سعد الذابح” و”النعائم” و”الثريا”، وربطوا ظهور النجوم بالفصول والمطر.

• في الصين: استخدموا نظاماً مغايراً للكوكبات، يعتمد على “القصور السماوية”، مثل “قصر التنين الأزرق”.

• في حضارات أمريكا الجنوبية: شكلت النجوم جزءاً من نظام تقويم الإنكا والمايا، وربطوا بينها وبين الزراعة والطقوس الروحية.

النجوم الفردية داخل الكوكبات

لكل كوكبة مجموعة من النجوم اللامعة، وقد حظيت هذه النجوم بأسماء خاصة تعود في معظمها إلى اللغة العربية بسبب الدور الكبير للفلكيين العرب في القرون الوسطى. ومن بين أشهر النجوم:

• النسر الواقع (Vega) في كوكبة القيثارة.

• السهيل (Canopus) في كوكبة الكارينا.

• الشعرى اليمانية (Sirius) في كوكبة الكلب الأكبر، وهو ألمع نجوم السماء.

الخاتمة العلمية

تُعد الكوكبات النجمية ليست مجرد تجمعات اعتباطية، بل نقاطاً مرجعية أساسية في الفلك الحديث. ورغم أن النجوم المكونة لها لا تكون بالضرورة مرتبطة ببعضها فيزيائياً، فإن تحديدها يساعد العلماء والهواة على التنقل بين الأجرام السماوية، كما تمثل تراثاً حضارياً إنسانياً يجمع بين العلم والأسطورة والفن.

المراجع

1. Ridpath, Ian. Star Tales. Cambridge University Press.

2. International Astronomical Union (IAU) Constellation Boundary Data.